المقدمة:
منذ أن خلق الله عز وجل الإنسان وأعطاه القدرة على السعي والانتشار، وهو يعمل بدأب للحصول على الغذاء الذي يتمكن به من العيش والديمومة والإبقاء على ذاته، مما جعل السعي نحو إشباع رغبات الجسم وتلبية احتياجاته من الطعام أمرا فطريا وغريزيا، وهذا ما أكدته حادثة أبينا آدم عليه السلام وزوجه، إذ دفعتهما غريزة وشهوة الطعام إلى نسيان أمر الله والوقوع في المعصية ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) طه (115) ، ولعل ارتباط الغذاء بأول حاثة في تاريخ البشرية يظهر بجلاء أهمية الغذاء في حياة الإنسان وفي التأثير على سلوكه.
ومن أن سكن الإنسان هذه الأرض وهو يسعى بشكل دائم إلى تأمين احتياجاته من الغذاء ، حتى أصبح توفر الغذاء شرطا لازما للاستقرار والاستيطان ، وكان بذلك أن أصبح للزراعة دور حاسم في تطور الحياة البشرية واستقرارها وفي تكون المجتمعات وتطور المدنية .
ومع تطور الحياة البشرية وازدهار الحضارات ، إزداد اهتمام الإنسان بالزراعة وانتاج الأغذية المختلفة (الحيوانية والنباتية) ، حتى غدت علوم الزراعة والتغذية والإغذية أبرز علوم العصر الحديث.
ولقد سبق الإسلام كل الأمم بحثه المسلم على العمل والزراعة وطالب المسلمين بالجد والاجتهاد في طلب الرزق وتحري الحلال الطيب والاعتدال في النفقة بعيدا عن الإسراف والتبذير.
الفصل الأول
الإسلام والغذاء
الباب الأول
أهمية الغذاء لجسم الإنسان وحاجته إليه
تنبع أهمية الإغذية ، مثل اللحوم بأنواعها والحبوب والبقول والخضار والفواكه، من احتوائها على العناصر الغذائية اللازمة لانتاج الطاقة ، وللقيام بعمليات البناء والنمو والتكاثر وصيانة الأنسجة التالفة . ونظرا لعدم قدرة جسم الإنسان على تصنيع هذه العناصر الغذائية، أو عدم قدرته على تصنيعها بكميات كافية ، كان لزاما على الإنسان الحصول على هذه العناصر من خلال الغذاء.
وتنقسم العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان إلى مجموعات ست رئيسية وهي: الماء والسكريات (الكربوهيدات) والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن ، وفيما يلي نبذة مختصرة عن هذه المغذيات واهميتها لصحة الإنسان وسلامته:
(1) الماء :
عنصر غذائي ضروري للجسم وله وظائف حيوية متعددة ويشكل الدعامة الرئيسة لحياة الإنسان وبقائه. والماء يشكل نسبة عالية من تركيب الخلايا والأنسجة الحية، وهو من الناصر الغذائية المنتجة للطاقة على الرغم من أهميته لجميع عمليات تمثيل الغذاء وانتاج الطاقة ، ولذلك كان لا بد من تناوله باستمرار، حيث يحتاج الإنسان البالغ إلى حوالي 3-4 لتر ماء كل يوم.
(2) السكريات (الكربوهيدات) :
وهي مركبات عضوية تتكون من عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين، وهي تقسم إلى أنواع عدة نظرا لتوفرها في أنواع كثيرة من الأغذية . وتنبع أهيمة السكريات ، وخاصة الذائبة منها، من كونها المصدر الرئيسي للطاقة في غذاء الإنسان ، والكثير من الحيوانات المجترة.
بينما تشكل الكربوهيدات غير الذائبة ، والتي تعرف بالألياف الغذائية ، والمصدر الرئيسي للطاقة في الحيوانات المجترة وآكلة الأعشاب ، كما تلعب دورا هاما في المحافظة على صحة الإنسان وحيويته من خلال منع الإصابة بأمراض الإمساك وداء الأمعاء الردبي وسرطان القولون.
(3) الدهون :
وهي مركبات عضوية تحتوي على عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين ، وتكمن أهميتها في دورها في تزويد الجسم بالطاقة الحرارية التي تبلغ ضعف الطاقة المأخوذة من السكريات. كما تكمن أهمية الدهون في احتوائها على الأحماض الدهنية التي يحتاجها الجسم ولا يستطيع تصنيعها والتي تدخل في بناء الخلايا وتركيبها. وتحتوي الدهون بالإضافة إلى ذلك الفيتامينات الذائبة في الدهون، والتي تقوم بدور عامل في بناء أنسجة الجسم مثل شبكة العين والعظام ، وفي المحافظة على نضارة الجلد وتماسكه.
(4) البروتينات:
والبروتينات مركبات عضوية كبرة تتكون من وحدات بناء نيتروجينية تعرف بـ " الأحماض الأمينية " ، وتتميز البروتينات باحتوائها على عنصر النيتروجين الذي يميزها عن الكربوهيدات والدهون. وللبروتينات دور هام وأساسي في بناء الأنسجة وصيانتها ، وفي تجديد التالف منها، كما تستخدم البروتينات في إنتاج الطاقة في حال نقص الكربوهيدات في الغذاء وعند وجود فائض من البروتينات يزيد عنه احتياجات الجسم للبناء والصيانة.
(5) الفيتامينات:
مجموعة من المركبات العضوية المعقدة في تركيبها ، ويتطلبها جسم الإنسان بكميات قليلة نسبيا، وهي ضرورية لصيانة نمو الجسم ووقايته من الأمراض . وهي تقسم إلى مجموعتين كبيرتين : الفيتامينات الذائبة في الماء والفيتامينات االذائبة في الدهون.
(6) العناصر المعدنية :
وهي تشكل 4% من وزن الإنسان ، ويتطلب الجسم بعض العناصر بكميات كبيرة نسبيا وتسمى العناصر الكبرى، ويتطلب الجسم بعضا منها ولكن بكميات صغيرة نسبيا وتسمى العناصر الصغرى أو النزرة . وتلعب العناصر المعدنية دورا هاما في تنشيط التفاعلات الحيوية داخل الجسم وفي تنظيم سوائل الجسم وتنظيم التوازن الحامضي – القاعدي فيه.
الباب الثاني
نظرة الإسلام إلى الغذاء والتغذية
لما كانت الزراعة ضرورية لتوفير الغذاء وتأمين احتياجات الإنسان منه، فقد حث الإسلام على الاهتمام بالزراعة باعتبارها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد القوي وتأمين الحياة الكريمة، وباعتبارها المصدر الأساسي والرئيس في توفير الغذاء ، فقال صلى الله عليه وسلم : "لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة". رواه مسلم عن جابر بن عبدالله، وقال عليه الصلاة والسلام : " إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل " رواه أحمد عن أنس بن مالك.
كما حث الإسلام على تنمية القطاع الزراعي وزيادة رفعته من خلال حثه على إعمار الأرض البوار واستصلاحها بالزراعة ، فقال عليه الصلاة والسلام : " من أحيا أرضا ميتة فهي له" ، رواه الترمذي عن جابر بن عبدالله، كما نهى الإسلام عن كل ما يؤدي إلى الضرر بالقطاع الزراعي ويتسبب في الإخلال بالأمن الغذائي ، فقال عليه الصلاة والسلام : "من قطع سدرة صوب الله رأسه بالنار" ، رواه أبو داوود عن عبدالله بن حبشي. ()
وقد أشار القرآن الكريم على هذا المعنى من خلال نهيه عن الفساد والإفساد في الأرض، والذي يتضمن الإضرار بالثروة الحيوانية والنباتية ، فقال تبارك وتعالى: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} البقرة (205).
ونظرا لما يتطلبه الحصول على الغذاء من بذل للجهد والوقت ، ولما يحتاجه ذلك من تطوير لأساليب العمل والإنتاج والتصنيع، ومنه الإنتاج والتصنيع الزراعي، فقد حث الإسلام على العمل والاحتراف والكسب الحلال الطيب، لقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح" رواه أحمد عن أبي هريرة ، وقال عليه الصلاة والسلام حاثا على الأكل من كسب اليد الحلال: " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" ، رواه البخاري. كما دلت الآية الكريمة على ضرورة السعي في طلب الرزق والسير في الأرض وبذل الجهد في سبيل تأمين الرزق ، فقال جل من قائل: { هو الذي جعل الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك (15).
وقد حث الإسلام أتباعه على الانتفاع بما خلق الله لعباده من الطيبات بغية التعرف على نعم الله وعطاياه ، والتي من أظهرها أنواع الطعام المختلفة ، قال جل وعلا : { ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش، قليلا ما تشكرون} الأعراف (10)، وقال عز من قائل : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} البقرة (172) .
كما حرم الإسلام على أتباعه حرمان أنفسهم من التمتع والتلذذ بطيبات ما أحل لهم من الرزق فقال جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} وبين أن في ذلك تعديا على حدود الله وتجاوزا لأوامر ، فقال جل وعلا في آخر الآية : { ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين} المائدة (87) . وقال جل من قائل: { وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون} المائدة (88). وفي الربط ما بين التقوى والأكل من رزق الله دليل واضح وصريح على ضرورة الالتزام بمنهج الله وتطبيق أوامر واجتناب نواهيه، فيما يتعلق بالحصول على الغذاء وتناوله ، والتأكيد على ضرورة الحرص على الحلال وتجنب الحرام، لما لذلك من تأثير كبير على حياة الإنسان وسلوكه ومعاشه.
ويظهر اهتمام الإسلام بالغذاء من كونه يشكل مع قضية الأجل القضية المحورية والعمود الفقري في حياة الإنسان، وتبلور أفكاره وتبديد هواجسه، وكثيرا من الحروب الأزمات النزاعات والخلافات في العالم سببها اقتصادي أو نتيجة لأزمة غذاء.
منذ أن خلق الله عز وجل الإنسان وأعطاه القدرة على السعي والانتشار، وهو يعمل بدأب للحصول على الغذاء الذي يتمكن به من العيش والديمومة والإبقاء على ذاته، مما جعل السعي نحو إشباع رغبات الجسم وتلبية احتياجاته من الطعام أمرا فطريا وغريزيا، وهذا ما أكدته حادثة أبينا آدم عليه السلام وزوجه، إذ دفعتهما غريزة وشهوة الطعام إلى نسيان أمر الله والوقوع في المعصية ( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) طه (115) ، ولعل ارتباط الغذاء بأول حاثة في تاريخ البشرية يظهر بجلاء أهمية الغذاء في حياة الإنسان وفي التأثير على سلوكه.
ومن أن سكن الإنسان هذه الأرض وهو يسعى بشكل دائم إلى تأمين احتياجاته من الغذاء ، حتى أصبح توفر الغذاء شرطا لازما للاستقرار والاستيطان ، وكان بذلك أن أصبح للزراعة دور حاسم في تطور الحياة البشرية واستقرارها وفي تكون المجتمعات وتطور المدنية .
ومع تطور الحياة البشرية وازدهار الحضارات ، إزداد اهتمام الإنسان بالزراعة وانتاج الأغذية المختلفة (الحيوانية والنباتية) ، حتى غدت علوم الزراعة والتغذية والإغذية أبرز علوم العصر الحديث.
ولقد سبق الإسلام كل الأمم بحثه المسلم على العمل والزراعة وطالب المسلمين بالجد والاجتهاد في طلب الرزق وتحري الحلال الطيب والاعتدال في النفقة بعيدا عن الإسراف والتبذير.
الفصل الأول
الإسلام والغذاء
الباب الأول
أهمية الغذاء لجسم الإنسان وحاجته إليه
تنبع أهمية الإغذية ، مثل اللحوم بأنواعها والحبوب والبقول والخضار والفواكه، من احتوائها على العناصر الغذائية اللازمة لانتاج الطاقة ، وللقيام بعمليات البناء والنمو والتكاثر وصيانة الأنسجة التالفة . ونظرا لعدم قدرة جسم الإنسان على تصنيع هذه العناصر الغذائية، أو عدم قدرته على تصنيعها بكميات كافية ، كان لزاما على الإنسان الحصول على هذه العناصر من خلال الغذاء.
وتنقسم العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان إلى مجموعات ست رئيسية وهي: الماء والسكريات (الكربوهيدات) والبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن ، وفيما يلي نبذة مختصرة عن هذه المغذيات واهميتها لصحة الإنسان وسلامته:
(1) الماء :
عنصر غذائي ضروري للجسم وله وظائف حيوية متعددة ويشكل الدعامة الرئيسة لحياة الإنسان وبقائه. والماء يشكل نسبة عالية من تركيب الخلايا والأنسجة الحية، وهو من الناصر الغذائية المنتجة للطاقة على الرغم من أهميته لجميع عمليات تمثيل الغذاء وانتاج الطاقة ، ولذلك كان لا بد من تناوله باستمرار، حيث يحتاج الإنسان البالغ إلى حوالي 3-4 لتر ماء كل يوم.
(2) السكريات (الكربوهيدات) :
وهي مركبات عضوية تتكون من عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين، وهي تقسم إلى أنواع عدة نظرا لتوفرها في أنواع كثيرة من الأغذية . وتنبع أهيمة السكريات ، وخاصة الذائبة منها، من كونها المصدر الرئيسي للطاقة في غذاء الإنسان ، والكثير من الحيوانات المجترة.
بينما تشكل الكربوهيدات غير الذائبة ، والتي تعرف بالألياف الغذائية ، والمصدر الرئيسي للطاقة في الحيوانات المجترة وآكلة الأعشاب ، كما تلعب دورا هاما في المحافظة على صحة الإنسان وحيويته من خلال منع الإصابة بأمراض الإمساك وداء الأمعاء الردبي وسرطان القولون.
(3) الدهون :
وهي مركبات عضوية تحتوي على عناصر الكربون والهيدروجين والأوكسجين ، وتكمن أهميتها في دورها في تزويد الجسم بالطاقة الحرارية التي تبلغ ضعف الطاقة المأخوذة من السكريات. كما تكمن أهمية الدهون في احتوائها على الأحماض الدهنية التي يحتاجها الجسم ولا يستطيع تصنيعها والتي تدخل في بناء الخلايا وتركيبها. وتحتوي الدهون بالإضافة إلى ذلك الفيتامينات الذائبة في الدهون، والتي تقوم بدور عامل في بناء أنسجة الجسم مثل شبكة العين والعظام ، وفي المحافظة على نضارة الجلد وتماسكه.
(4) البروتينات:
والبروتينات مركبات عضوية كبرة تتكون من وحدات بناء نيتروجينية تعرف بـ " الأحماض الأمينية " ، وتتميز البروتينات باحتوائها على عنصر النيتروجين الذي يميزها عن الكربوهيدات والدهون. وللبروتينات دور هام وأساسي في بناء الأنسجة وصيانتها ، وفي تجديد التالف منها، كما تستخدم البروتينات في إنتاج الطاقة في حال نقص الكربوهيدات في الغذاء وعند وجود فائض من البروتينات يزيد عنه احتياجات الجسم للبناء والصيانة.
(5) الفيتامينات:
مجموعة من المركبات العضوية المعقدة في تركيبها ، ويتطلبها جسم الإنسان بكميات قليلة نسبيا، وهي ضرورية لصيانة نمو الجسم ووقايته من الأمراض . وهي تقسم إلى مجموعتين كبيرتين : الفيتامينات الذائبة في الماء والفيتامينات االذائبة في الدهون.
(6) العناصر المعدنية :
وهي تشكل 4% من وزن الإنسان ، ويتطلب الجسم بعض العناصر بكميات كبيرة نسبيا وتسمى العناصر الكبرى، ويتطلب الجسم بعضا منها ولكن بكميات صغيرة نسبيا وتسمى العناصر الصغرى أو النزرة . وتلعب العناصر المعدنية دورا هاما في تنشيط التفاعلات الحيوية داخل الجسم وفي تنظيم سوائل الجسم وتنظيم التوازن الحامضي – القاعدي فيه.
الباب الثاني
نظرة الإسلام إلى الغذاء والتغذية
لما كانت الزراعة ضرورية لتوفير الغذاء وتأمين احتياجات الإنسان منه، فقد حث الإسلام على الاهتمام بالزراعة باعتبارها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد القوي وتأمين الحياة الكريمة، وباعتبارها المصدر الأساسي والرئيس في توفير الغذاء ، فقال صلى الله عليه وسلم : "لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة". رواه مسلم عن جابر بن عبدالله، وقال عليه الصلاة والسلام : " إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل " رواه أحمد عن أنس بن مالك.
كما حث الإسلام على تنمية القطاع الزراعي وزيادة رفعته من خلال حثه على إعمار الأرض البوار واستصلاحها بالزراعة ، فقال عليه الصلاة والسلام : " من أحيا أرضا ميتة فهي له" ، رواه الترمذي عن جابر بن عبدالله، كما نهى الإسلام عن كل ما يؤدي إلى الضرر بالقطاع الزراعي ويتسبب في الإخلال بالأمن الغذائي ، فقال عليه الصلاة والسلام : "من قطع سدرة صوب الله رأسه بالنار" ، رواه أبو داوود عن عبدالله بن حبشي. ()
وقد أشار القرآن الكريم على هذا المعنى من خلال نهيه عن الفساد والإفساد في الأرض، والذي يتضمن الإضرار بالثروة الحيوانية والنباتية ، فقال تبارك وتعالى: { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام . وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} البقرة (205).
ونظرا لما يتطلبه الحصول على الغذاء من بذل للجهد والوقت ، ولما يحتاجه ذلك من تطوير لأساليب العمل والإنتاج والتصنيع، ومنه الإنتاج والتصنيع الزراعي، فقد حث الإسلام على العمل والاحتراف والكسب الحلال الطيب، لقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح" رواه أحمد عن أبي هريرة ، وقال عليه الصلاة والسلام حاثا على الأكل من كسب اليد الحلال: " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" ، رواه البخاري. كما دلت الآية الكريمة على ضرورة السعي في طلب الرزق والسير في الأرض وبذل الجهد في سبيل تأمين الرزق ، فقال جل من قائل: { هو الذي جعل الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك (15).
وقد حث الإسلام أتباعه على الانتفاع بما خلق الله لعباده من الطيبات بغية التعرف على نعم الله وعطاياه ، والتي من أظهرها أنواع الطعام المختلفة ، قال جل وعلا : { ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش، قليلا ما تشكرون} الأعراف (10)، وقال عز من قائل : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون} البقرة (172) .
كما حرم الإسلام على أتباعه حرمان أنفسهم من التمتع والتلذذ بطيبات ما أحل لهم من الرزق فقال جل وعلا: { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم} وبين أن في ذلك تعديا على حدود الله وتجاوزا لأوامر ، فقال جل وعلا في آخر الآية : { ولا تعتدوا ، إن الله لا يحب المعتدين} المائدة (87) . وقال جل من قائل: { وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون} المائدة (88). وفي الربط ما بين التقوى والأكل من رزق الله دليل واضح وصريح على ضرورة الالتزام بمنهج الله وتطبيق أوامر واجتناب نواهيه، فيما يتعلق بالحصول على الغذاء وتناوله ، والتأكيد على ضرورة الحرص على الحلال وتجنب الحرام، لما لذلك من تأثير كبير على حياة الإنسان وسلوكه ومعاشه.
ويظهر اهتمام الإسلام بالغذاء من كونه يشكل مع قضية الأجل القضية المحورية والعمود الفقري في حياة الإنسان، وتبلور أفكاره وتبديد هواجسه، وكثيرا من الحروب الأزمات النزاعات والخلافات في العالم سببها اقتصادي أو نتيجة لأزمة غذاء.